أسباب فقدان الشهية والغثيان

أسباب فقدان الشهية والغثيان

يعد فقدان الشهية والغثيان من الأعراض التي قد ترافق العديد من الأمراض والحالات الصحية، والتي قد تؤثر على جودة الحياة اليومية للأفراد. يشعر الكثير من الأشخاص بحالة من التدهور في صحتهم نتيجة هذه الأعراض، خاصة عندما تستمر لفترات طويلة أو تظهر بشكل مفاجئ. على الرغم من أن فقدان الشهية والغثيان قد يكونا أعراضًا منفصلة، إلا أنهما غالبًا ما يحدثان معًا، مما يجعل تحديد الأسباب الحقيقية وراء هذه الأعراض أمرًا معقدًا ويعتمد على تشخيص دقيق.

أولاً: الأسباب العضوية لفقدان الشهية والغثيان

1. اضطرابات الجهاز الهضمي

من أكثر الأسباب شيوعًا لفقدان الشهية والغثيان هي مشاكل الجهاز الهضمي. وتشمل هذه الحالات:

• التهاب المعدة: يُعتبر التهاب المعدة من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الشعور بالغثيان وفقدان الشهية. حيث يحدث هذا الالتهاب نتيجة العدوى بالبكتيريا مثل بكتيريا “هيليكوباكتر بيلوري” أو بسبب التناول المفرط للمسكنات والمضادات الحيوية.

• القرحة المعدية: تتسبب القرحات المعدية في آلام شديدة في المعدة، قد تؤدي أيضًا إلى الغثيان وفقدان الشهية نتيجة تهيج بطانة المعدة.

• الارتجاع المريئي: عندما يرتجع حمض المعدة إلى المريء، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إحساس بالحموضة أو الغثيان، والذي قد يسبب فقدانًا للشهية في كثير من الأحيان.

• القولون العصبي: هو اضطراب مزمن في الأمعاء يتسبب في شعور بالانتفاخ، آلام في البطن، والإسهال أو الإمساك، ما يمكن أن يؤثر على شهية الطعام ويصاحبه غثيان.

2. الأمراض المزمنة

تؤدي بعض الأمراض المزمنة إلى فقدان الشهية والغثيان نتيجة تأثيراتها على الجسم:

• أمراض الكبد: مثل التهاب الكبد أو تليف الكبد يمكن أن تؤدي إلى تراكم السموم في الجسم، مما يعزز الشعور بالغثيان وفقدان الرغبة في تناول الطعام.

• أمراض الكلى: الفشل الكلوي أو التهاب الكلى قد يؤثر على التوازن الكيميائي في الجسم، مما يؤدي إلى أعراض مثل الغثيان وفقدان الشهية نتيجة تراكم النفايات السامة.

• أمراض القلب: من الممكن أن تتسبب بعض أمراض القلب، مثل فشل القلب الاحتقاني، في تراكم السوائل في الجسم، مما يؤدي إلى الغثيان وفقدان الشهية.

3. الحمل

الحمل، وخاصة في الأشهر الأولى، يُعد من الحالات التي تشهد زيادة ملحوظة في نسبة الغثيان وفقدان الشهية. يتمثل ذلك في ما يُسمى “غثيان الحمل”، وهو أمر شائع جدًا بين النساء الحوامل خلال الأسابيع الأولى من الحمل. وعلى الرغم من أنه يختفي عادة مع تقدم الحمل، إلا أن تأثيراته على الشهية قد تكون ملحوظة في البداية.

4. التسمم الغذائي

يمكن أن يحدث فقدان الشهية والغثيان نتيجة التسمم الغذائي الناتج عن تناول طعام ملوث بالبكتيريا أو الفيروسات أو السموم. قد يصاحب ذلك أعراض مثل الإسهال والقيء. يؤدي التسمم الغذائي إلى تهيج الجهاز الهضمي ويؤثر على قدرة الشخص على تناول الطعام.

ثانيًا: الأسباب النفسية لفقدان الشهية والغثيان

1. القلق والتوتر

يُعد القلق من أبرز الأسباب النفسية التي قد تؤدي إلى فقدان الشهية والغثيان. فعندما يتعرض الشخص لضغوط نفسية أو توتر مفرط، تتأثر وظائف الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى الشعور بالغثيان وفقدان الرغبة في تناول الطعام. يرتبط القلق أيضًا بتقلبات في مستويات الهرمونات العصبية التي تؤثر بدورها على المعدة.

2. الاكتئاب

يعد الاكتئاب من الأمراض النفسية التي تؤثر بشكل مباشر على الشهية. ففي حالات الاكتئاب، يعاني الكثير من الأشخاص من انخفاض في الرغبة في تناول الطعام، مما يؤدي إلى فقدان الشهية. بالإضافة إلى ذلك، قد يصاحب الاكتئاب الشعور بالغثيان بسبب الاضطرابات النفسية المصاحبة لهذا المرض.

3. اضطرابات الأكل

مثل الأنوركسيا (فقدان الشهية العصابي) والبوليميا (الشره المرضي) يمكن أن تتسبب في فقدان الشهية الشديد والقيء المتكرر. تتأثر وظائف الجهاز الهضمي بشكل كبير في هذه الحالات، حيث يسعى الشخص للتحكم في وزن جسمه أو طعامه بطرق غير صحية.

ثالثًا: الأسباب الدوائية

1. الأدوية والعلاج الكيميائي

تسبب العديد من الأدوية، مثل المضادات الحيوية والمسكّنات، آثارًا جانبية تشمل الغثيان وفقدان الشهية. أما العلاج الكيميائي المستخدم لعلاج السرطان فقد يؤدي إلى الغثيان الشديد وفقدان الشهية نتيجة تأثيره على الخلايا السليمة في الجسم.

2. الأدوية المضادة للاكتئاب

تحتوي بعض الأدوية المضادة للاكتئاب على آثار جانبية تؤثر على الجهاز الهضمي، مما يسبب الغثيان وفقدان الشهية في بعض الحالات. تُعد هذه الأدوية من أكثر الأسباب التي تتسبب في اضطراب الشهية في المرضى الذين يعانون من الاكتئاب.

3. أدوية علاج الفطريات والمضادات الفيروسية

يمكن أن تؤدي بعض الأدوية المضادة للفطريات أو الفيروسات إلى حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي، مما يتسبب في الغثيان وفقدان الشهية.

رابعًا: أسباب أخرى لفقدان الشهية والغثيان

1. التغيرات الهرمونية

التغيرات الهرمونية التي تحدث في الجسم بسبب الدورة الشهرية أو التغيرات في مستويات الهرمونات أثناء الحمل أو سن اليأس قد تؤدي إلى اضطرابات في الشهية والغثيان. في بعض الأحيان، قد يكون التغير المفاجئ في مستويات الهرمونات هو السبب الرئيس وراء الشعور بالغثيان وفقدان الشهية.

2. الأمراض العصبية

الأمراض التي تؤثر على الجهاز العصبي، مثل مرض باركنسون أو التصلب المتعدد، يمكن أن تؤدي إلى اضطراب في وظائف الجهاز الهضمي، مما يسبب الغثيان وفقدان الشهية. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر الاضطرابات العصبية على المشاعر والقدرة على التفاعل مع الطعام بشكل طبيعي.

3. التهاب الأذن الوسطى أو التهاب الجيوب الأنفية

التهاب الأذن الوسطى أو التهاب الجيوب الأنفية قد يؤدي إلى حدوث شعور بالغثيان نتيجة للضغط الذي يحدث في الرأس أو الأذن، مما قد يؤثر على التوازن والقدرة على تناول الطعام.

4. العدوى الفيروسية

تتسبب بعض العدوى الفيروسية في أعراض مشابهة للأنفلونزا، مثل الغثيان وفقدان الشهية. الفيروسات مثل فيروس نوروفيروس أو الفيروسات المعوية الأخرى قد تؤدي إلى اضطرابات معوية، مما يسبب هذه الأعراض.

خامسًا: التشخيص والعلاج

لتشخيص فقدان الشهية والغثيان بشكل صحيح، يجب على الطبيب إجراء فحص شامل وتحديد الأسباب المحتملة لهذه الأعراض. تشمل الاختبارات الشائعة فحوصات الدم، والأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية لتحديد وجود التهابات أو اضطرابات في الأعضاء الداخلية. بناءً على النتائج، قد يتطلب العلاج تناول الأدوية المضادة للغثيان أو معالجة الأسباب الأساسية مثل العدوى أو المشاكل الهضمية.

تتراوح العلاجات حسب السبب؛ على سبيل المثال، قد يتطلب فقدان الشهية المرتبط بالاكتئاب علاجًا نفسيًا أو أدوية مضادة للاكتئاب، في حين أن التسمم الغذائي قد يتطلب العلاج الطبي أو الراحة مع تجنب الأطعمة الملوثة.

في الختام، يعتبر فقدان الشهية والغثيان أعراضًا شائعة قد تحدث بسبب مجموعة متنوعة من الأسباب، سواء كانت عضوية أو نفسية أو دوائية. يعد التشخيص الدقيق والعلاج المناسب أمرًا ضروريًا للتعامل مع هذه الأعراض والحد من تأثيراتها على الصحة العامة.